هل حكم صلاة الجمعة واجبة؟

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعد الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين:

فقد أجمع أهل العلم والفقهاء في المذاهب الفقهيّة الأربعة على أنّ صلاة الجمعة فرض عينٍ على كلّ مسلمٍ ذكرّ بالغٍ عاقلٍ مقيم، والدّليل على وجوبها في القرآن الكريم والسّنة النبوية المباركة، فقد قال الله تعالى في الذّكر الحكيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعة فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}. [سورة الجمعة: الآية 9] كذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “على كلِّ محتلِمٍ رواحٌ إلى الجمعَةِ، وعلى كلِّ من راحَ إلى الجمعةِ الغسلُ”. [صحيح أبي داود/342] فالأمر في الآية الكريمة يقتضي الوجوب، فلو لم تكن صلاة الجمعة واجبةٌ ومفروضة، لما نهى الله تعالى عن البيع في وقتها وأمر بترك الأشغال والأعمال والسّعي إليها، وإنّ الحديث النّبويّ المذكور يفيد بأنّ صلاة الجمعة هي واجبةٌ على كلّ ذكرٍ بلغ الحلم، وقد نقل ابن عبد البرّ في كتابه الاستذكار: “وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ حُرٍّ بَالِغٍ ذَكَرٍ يُدْرِكُهُ زَوَالُ الشَّمْسِ فِي مِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ غَيْرِ مُسَافِرٍ”، فالجمعة واجبةٌ وفرضٌ على كلّ مسلمٍ توافرت فيه الشّروط المذكورة.